قصّتنا مع الشَعر... من «لزقة» السكّر للسعة اللايزر
سابين الحاج
Friday, 28-Jul-2017 00:09
تمضي النساء سنوات عمرهنّ يحاربن نمو الشعر على مختلف مناطق أجسادهن وبكل ما يخطر على بالهنّ من وسائل مبتكرة ومصطنعة. من استخدام «السكّر» إلى «الشمع» إلى الملاقط والخيطان والكريمات وصولاً إلى شفرات الحلاقة والآلات المبتكرة التي تعدهنّ بسحب الشعيرات من الجذور، والمكنات الضخمة التي تعتمد على ضرب بصلة الشعر بالكهرباء، حتّى أكثر الاختراعات ثوروية كإزالة الشعر بالليزر.
إزالة الشعر ليست بالعملية السهلة، وتدور بينها وبين النساء حربٌ ضروس وخصوصاً النساء «المشعرانيات» اللواتي لا ينتهين من منطقة في الجسد حتّى يبدأن بتنظيف أخرى. كلّ ذلك، في غياب الحلول الجذرية والسحرية لوقف نموّ الشعر وانتشاره.
فحتّى في العام 2017 لا زالت غالبية الوعود بمنع نموّ الشعر من جديد غير صادقة تماماً أو تمرّ النساء بعملية مضنية للوصول إلى هذه الغاية. وغالباً إذا ما تمكّنت آلةٌ من تنظيف منطقة إلى الأبد ينتقل نموّ الشعر إلى منطقة أخرى مجاورة.
إزالةُ الشعر منذ متى؟
يسود اعتقادٌ بأنّ إزالة الشعر عن الجسد ظاهرة حديثة، ولكن، نظرة على مختلف الحضارات السابقة تكشف أنّ أقدم الشعوب لجأت إلى هذه العادة، وربّما حاولت كلّ حضارات العالم في فترة أو أخرى إزالة الشعر عن أجسادها لتتميّز عن الحيوانات.
أولى أدوات إزالة الشعر، كانت على شكل ملاقط بدائية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وراجت إزالة الشعر عن الجسد فعلاً منذ الألفية الثالثة قبل المسيح تحت تأثير المعتقدات الدينية حينها. أمّا بلاد ما بين النهرين والحضارة الفينيقية فعرفت إزالة الشعر 2000 عام قبل المسيح، في صفوف الملوك والملكات. كما لجأت ملكات الحضارة الفرعونية في مصر لإزالة الشعر عن كامل الجسد.
نساء كلّ من الفرعون رعمسيس الثاني ورعمسيس الثالث، ومَن خلفهن نزعن الشعر من تحت الإبطين وصولاً إلى المناطق الحميمة، وكذلك الكهنة والكاهنات والطبقة الأرستقراطية، وكانت إزالة الشعر بالنسبة لهؤلاء دليل على طهارة الجسد بينما تركه يوحي بالحيوانية.
أما في الغرب، ومع تقدّم الحضارات، فعرفت غالبية الطبقات الاجتماعية هذه العادة في القرن الخامس قبل المسيح. وتذكر النصوص أنّ الرومان كانوا يقصدون الحمّامات للاعتناء بأجسادهم وأنّ رجال البرجوازية في الامبراطورية الرومانية في معظمهم أزالوا الشعر عن أرجلهم، إذ كان لباسهم التقليدي على شكل فستان يكشف الساقين، غالباً ما لا يتخطّى قماشه مستوى الركبة.
فحتّى الرجال الرومان حين فرضت عليهم الموضة كشف سيقانهم عمدوا إلى عرضها خاليةً من الشعر. وأيضاً عرف اليونان في تلك الحقبة انتشار الحلّاقين، وكانت كلّ الطبقات الاجتماعية تقصد هؤلاء لإزالة الشعر، وحتّى الخدم و»العبيد».
مع بدء انتشار المسيحية بقيت إزالة الشعر رائجة، إلّا أنّ انهيار الامبراطورية الرومانية عام 476 بعد المسيح أوقف هذه الممارسات في أوروبا لأكثر من 5 قرون، إلى حين بدء الحملات الصليبية إلى الشرق بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر.
فخلال الحروب في الشرق وأفريقيا، التقى المحاربون بنساءٍ أزلن الشعر عن أجسادهنّ، فعادوا إلى بلدانهم الأوروبية ليعيدوا نشر هذه العادات الشرقية فيها.
وكانت إزالة الشعر حينها بالشمع الساخن المنبثق من النحل، أو بالسكّر المُستخرَج من النباتات الطبيعية. وباتت النساء في الغرب يُزلن الشعر عن الجبين ومن تحت الإبطين وعن مناطقهنّ الحميمة وكنّ يعتقدن أنّ ذلك يميّز الإنسان عن الحيوان. ولكنّ هذه الممارسات بقيت محصورة بالطبقات الغنيّة ولم يتطوّر انتشارُها لتصبح القاعدة إلّا مع بداية القرن العشرين حيث ازداد رواجُها إلى أقصى حدّ.
النساء المعاصرات
تؤكّد دراسة أميركية حديثة أنّ 80 في المئة من النساء الأميركيات يعمدن إلى إزالة الشعر عن مناطقهنّ الحميمة. وكشفت دراسة فرنسية عام 2014 أنّ 85 في المئة من النساء ينزعن الشعر عن أعضائهن التناسلية.
60 في المئة من النساء اللواتي شملهنّ الاستطلاع أكّدن أنهنّ يلجأن إلى هذه الممارسة بدافع المحافظة على صحة المناطق الحميمة ونظافتها، علماً أنّ دراسات تؤكّد أنّ نزع الشعر عن هذه المناطق قد لا يزيد من صحتها بل بالعكس يهدّدها بالفطريات... وانتشار بعض الجراثيم. فهل هي موضة؟
بعد الحرب
على مرّ التاريخ بقي جسد المرأة مستوراً بالملابس وثابرت على ارتداء العباءات والفساتين الطويلة ولم تكن تكشف أبداً عن ساقيها، في معظم الحضارات.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تغيّرت الموضة لتأخذ الشكل الذي نعرفه اليوم. فالنساء الأوروبيات بدأن بالتحرّر خصوصاً أنّ عدداً كبيراً منهنّ بتن أرامل وكان عليهنّ الخروج للعمل وتأمين قوتهنّ ومتطلبات العائلة. كنّ بحاجة للحرّية ولملابس أكثر راحة. وللمرة الأولى منذ عقود بدأت الموضة بتحرير جسد المرأة من الموانع الأدبية والاجتماعية، وبدأت الموديلات المبتكرة تجاري نشاطات النساء ومتطلباتهنّ الأكثر عصرية.
وبينما كانت العصور السابقة تعرف الياقة المنخفضة للمرأة، إلّا أنّ التنانير باتت أقصر للمرة الأولى، وخرجت النساء لارتياد الشواطئ وممارسة شتّى النشاطات، فعرف العالم ثياب البحر وتعرية النساء لأيديهن وأرجلهن، وموضة تسمير البشرة في الشمس ما شجّع على إزالة الشعر من تحت الإبطين وعن الرجلين وأطراف ثياب البحر وهي ممارسات لم تصبح رائجة إلى هذا الحدّ في الغرب منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية. وفي خمسينات وستينات القرن الماضي ازداد اللجوء عالمياً إلى إزالة الشعر مع ازدياد التنانير النسائية قصراً لتصبح فوق الركبة.
وباتت إزالة الشعر معديةً في صفوف جيل من الشابات لم يمِلن أبداً إلى وراثة تقاليد جداتهنّ بل غزون ميدان العمل وانكبَبن على الاهتمام بجمالهنّ والاعتناء بأجسادهنّ أكثر فأكثر، ما عمّم إزالة الشعر عند جميع طبقات المجتمع.
الشعر والإعلام
توّج صعود عادة إزالة الشعر في الثمانينات، صعود وانتشار وسائل الإعلام من محطات تلفزيونية ومجلات تروّج صور نجمات عبر الشاشات سوّقن هذه الموضة قناعةً منهنّ أنّها تبرز جمالهنّ. فوسائل الإعلام الجماهرية بثّت عادات اجتماعية جديدة وعمّمت صورة للنساء وللموضة ولوسائل التجميل.
وباتت أيقونات الجمال عارضات أزياء شابات ذات أجساد نحيفة خارقة وهنّ أكثر تعرِّياً من أيّ امرأة في العصور الغابرة. حتّى إنّ أسلوب الملابس الداخلية تَغيَّر واستبدلت النساء السروال الداخلي التقليدي على شكل شورت أو كولوت بـ «سترينغ»، وقد تحوّل إلى اللباس الداخلي الأكثر استقطاباً للشابات.
ودخلت الأفلام الإباحية البيوت من خلال الفيديو والمحطات الخاصة، فروّجت لإزالة الشعر عن كافة أنحاء الجسد كأداة للإغراء والجاذبية، ونشرت هذا الموديل. وبات الاهتمام بالجسد أوّليةً، إلى حدّ العمل الدائم على جوهرته وجعله مثالياً.
ومنذ ذلك الحين فإنّ مطاردة الوبر والشعر مفتوحة وغياب الشعر عن الجسد يُعتبر من إحدى سمات الجاذبية والإثارة ودلالة على النظافة، وذلك بالنسبة للنساء، ولكنه أيضاً يجتاح تدريجاً صفوف الرجال.
فحتّى في العام 2017 لا زالت غالبية الوعود بمنع نموّ الشعر من جديد غير صادقة تماماً أو تمرّ النساء بعملية مضنية للوصول إلى هذه الغاية. وغالباً إذا ما تمكّنت آلةٌ من تنظيف منطقة إلى الأبد ينتقل نموّ الشعر إلى منطقة أخرى مجاورة.
إزالةُ الشعر منذ متى؟
يسود اعتقادٌ بأنّ إزالة الشعر عن الجسد ظاهرة حديثة، ولكن، نظرة على مختلف الحضارات السابقة تكشف أنّ أقدم الشعوب لجأت إلى هذه العادة، وربّما حاولت كلّ حضارات العالم في فترة أو أخرى إزالة الشعر عن أجسادها لتتميّز عن الحيوانات.
أولى أدوات إزالة الشعر، كانت على شكل ملاقط بدائية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وراجت إزالة الشعر عن الجسد فعلاً منذ الألفية الثالثة قبل المسيح تحت تأثير المعتقدات الدينية حينها. أمّا بلاد ما بين النهرين والحضارة الفينيقية فعرفت إزالة الشعر 2000 عام قبل المسيح، في صفوف الملوك والملكات. كما لجأت ملكات الحضارة الفرعونية في مصر لإزالة الشعر عن كامل الجسد.
نساء كلّ من الفرعون رعمسيس الثاني ورعمسيس الثالث، ومَن خلفهن نزعن الشعر من تحت الإبطين وصولاً إلى المناطق الحميمة، وكذلك الكهنة والكاهنات والطبقة الأرستقراطية، وكانت إزالة الشعر بالنسبة لهؤلاء دليل على طهارة الجسد بينما تركه يوحي بالحيوانية.
أما في الغرب، ومع تقدّم الحضارات، فعرفت غالبية الطبقات الاجتماعية هذه العادة في القرن الخامس قبل المسيح. وتذكر النصوص أنّ الرومان كانوا يقصدون الحمّامات للاعتناء بأجسادهم وأنّ رجال البرجوازية في الامبراطورية الرومانية في معظمهم أزالوا الشعر عن أرجلهم، إذ كان لباسهم التقليدي على شكل فستان يكشف الساقين، غالباً ما لا يتخطّى قماشه مستوى الركبة.
فحتّى الرجال الرومان حين فرضت عليهم الموضة كشف سيقانهم عمدوا إلى عرضها خاليةً من الشعر. وأيضاً عرف اليونان في تلك الحقبة انتشار الحلّاقين، وكانت كلّ الطبقات الاجتماعية تقصد هؤلاء لإزالة الشعر، وحتّى الخدم و»العبيد».
مع بدء انتشار المسيحية بقيت إزالة الشعر رائجة، إلّا أنّ انهيار الامبراطورية الرومانية عام 476 بعد المسيح أوقف هذه الممارسات في أوروبا لأكثر من 5 قرون، إلى حين بدء الحملات الصليبية إلى الشرق بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر.
فخلال الحروب في الشرق وأفريقيا، التقى المحاربون بنساءٍ أزلن الشعر عن أجسادهنّ، فعادوا إلى بلدانهم الأوروبية ليعيدوا نشر هذه العادات الشرقية فيها.
وكانت إزالة الشعر حينها بالشمع الساخن المنبثق من النحل، أو بالسكّر المُستخرَج من النباتات الطبيعية. وباتت النساء في الغرب يُزلن الشعر عن الجبين ومن تحت الإبطين وعن مناطقهنّ الحميمة وكنّ يعتقدن أنّ ذلك يميّز الإنسان عن الحيوان. ولكنّ هذه الممارسات بقيت محصورة بالطبقات الغنيّة ولم يتطوّر انتشارُها لتصبح القاعدة إلّا مع بداية القرن العشرين حيث ازداد رواجُها إلى أقصى حدّ.
النساء المعاصرات
تؤكّد دراسة أميركية حديثة أنّ 80 في المئة من النساء الأميركيات يعمدن إلى إزالة الشعر عن مناطقهنّ الحميمة. وكشفت دراسة فرنسية عام 2014 أنّ 85 في المئة من النساء ينزعن الشعر عن أعضائهن التناسلية.
60 في المئة من النساء اللواتي شملهنّ الاستطلاع أكّدن أنهنّ يلجأن إلى هذه الممارسة بدافع المحافظة على صحة المناطق الحميمة ونظافتها، علماً أنّ دراسات تؤكّد أنّ نزع الشعر عن هذه المناطق قد لا يزيد من صحتها بل بالعكس يهدّدها بالفطريات... وانتشار بعض الجراثيم. فهل هي موضة؟
بعد الحرب
على مرّ التاريخ بقي جسد المرأة مستوراً بالملابس وثابرت على ارتداء العباءات والفساتين الطويلة ولم تكن تكشف أبداً عن ساقيها، في معظم الحضارات.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تغيّرت الموضة لتأخذ الشكل الذي نعرفه اليوم. فالنساء الأوروبيات بدأن بالتحرّر خصوصاً أنّ عدداً كبيراً منهنّ بتن أرامل وكان عليهنّ الخروج للعمل وتأمين قوتهنّ ومتطلبات العائلة. كنّ بحاجة للحرّية ولملابس أكثر راحة. وللمرة الأولى منذ عقود بدأت الموضة بتحرير جسد المرأة من الموانع الأدبية والاجتماعية، وبدأت الموديلات المبتكرة تجاري نشاطات النساء ومتطلباتهنّ الأكثر عصرية.
وبينما كانت العصور السابقة تعرف الياقة المنخفضة للمرأة، إلّا أنّ التنانير باتت أقصر للمرة الأولى، وخرجت النساء لارتياد الشواطئ وممارسة شتّى النشاطات، فعرف العالم ثياب البحر وتعرية النساء لأيديهن وأرجلهن، وموضة تسمير البشرة في الشمس ما شجّع على إزالة الشعر من تحت الإبطين وعن الرجلين وأطراف ثياب البحر وهي ممارسات لم تصبح رائجة إلى هذا الحدّ في الغرب منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية. وفي خمسينات وستينات القرن الماضي ازداد اللجوء عالمياً إلى إزالة الشعر مع ازدياد التنانير النسائية قصراً لتصبح فوق الركبة.
وباتت إزالة الشعر معديةً في صفوف جيل من الشابات لم يمِلن أبداً إلى وراثة تقاليد جداتهنّ بل غزون ميدان العمل وانكبَبن على الاهتمام بجمالهنّ والاعتناء بأجسادهنّ أكثر فأكثر، ما عمّم إزالة الشعر عند جميع طبقات المجتمع.
الشعر والإعلام
توّج صعود عادة إزالة الشعر في الثمانينات، صعود وانتشار وسائل الإعلام من محطات تلفزيونية ومجلات تروّج صور نجمات عبر الشاشات سوّقن هذه الموضة قناعةً منهنّ أنّها تبرز جمالهنّ. فوسائل الإعلام الجماهرية بثّت عادات اجتماعية جديدة وعمّمت صورة للنساء وللموضة ولوسائل التجميل.
وباتت أيقونات الجمال عارضات أزياء شابات ذات أجساد نحيفة خارقة وهنّ أكثر تعرِّياً من أيّ امرأة في العصور الغابرة. حتّى إنّ أسلوب الملابس الداخلية تَغيَّر واستبدلت النساء السروال الداخلي التقليدي على شكل شورت أو كولوت بـ «سترينغ»، وقد تحوّل إلى اللباس الداخلي الأكثر استقطاباً للشابات.
ودخلت الأفلام الإباحية البيوت من خلال الفيديو والمحطات الخاصة، فروّجت لإزالة الشعر عن كافة أنحاء الجسد كأداة للإغراء والجاذبية، ونشرت هذا الموديل. وبات الاهتمام بالجسد أوّليةً، إلى حدّ العمل الدائم على جوهرته وجعله مثالياً.
ومنذ ذلك الحين فإنّ مطاردة الوبر والشعر مفتوحة وغياب الشعر عن الجسد يُعتبر من إحدى سمات الجاذبية والإثارة ودلالة على النظافة، وذلك بالنسبة للنساء، ولكنه أيضاً يجتاح تدريجاً صفوف الرجال.
الأكثر قراءة